Previous Back to News Next

مجلة الوسط – العدد 448 – 28 أغسطس 2000

مرشحة "الإخوان المسلمون" للبرلمان المصري تحدثت إلى "الوسط"

جيهان الحلفاوي : سأطالب بحقوق المرأة المتدينة

في بحث بعنوان "المرأة المسلمة في المجتمع المسلم... الشورى وتعدد الأحزاب" أعدته جماعة "الإخوان المسلمون" المحظورة في مصر حول حق المرأة في الإنتخاب وعضوية المجالس النيابية خلصت الجماعة إلى أنه "ليس ثمة نص في الشريعة الإسلامية الغراء يحجب أن تشارك المرأة في الانتخابات" بل إنه يؤكد أنه "في بعض الظروف قد تكون هذه المشاركة واجبة وضرورية إذ أن إحجام المرأة المسلمة عن المشاركة في الانتخابات بضعف من فرصة فوز المرشحين الإسلاميين".

ويلاحظ المتابعون للانتخابات المصرية خلال السنوات الماضية أن "طوابير" الناخبات الإسلاميات أمام لجان الاقتراع تفوق "طوابير" الرجال، فكل صوت انتخابي لدى الإخوان له أهمية وإذا كانت النساء المصريات يحجمن عادة عن المشاركة السياسية الفعالة فإن "نساء" الإخوان يتبعن قاعدة مخالفة تماماً فأصواتهن قد تكون مرجحة لمرشحي التنظيم، وطالما أن الجماعة خلصت إلى أن المشاركة في التصويت "واجب شرعي" فإنه لا مجال للتفريط في أي صوت نسائي. غير أن الخطوة التي أقدمت عليها السيدة جيهان عبد اللطيف الحلفاوي، وهي من السيدات المحسوبات على التنظيم في محافظة الإسكندرية، الترشيح لخوض الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في تشرين الثاني "نوفمبر" المقبل كمرشحة عن "الجماعة" أثارت ردود فعل وساعة، فموقف الأصوليين الراديكاليين جاء كما كان متوقعاً، فهم من الأساس يرفضوا "لعبة الديموقراطية" ولا يتعاطون مع النظام الحزبي ولذلك هاجموا ترشيح السيدة الحلفاوي وأوردوا آيات قرآنية وأحاديث نبوية تؤيد وجهة نظرهم.

أما "الإخوان" فيبدو أنهم كانوا استعدوا جيدا للرد على منتقديهم فأعادوا توزيع البحث المذكور الذي يؤكد أنه "لا يوجد في النصوص الإسلامية المعتمدة ما يمنع تولي المرأة مهام عضوية المجالس النيابية وما يمثلها".

وجاء في البحث، "ما قيل من أن المرأة جاهلة وغير متمرسة بالشئون العامة وبالتالي يسهل التغرير بها مردود عليه بأن المرأة الجاهلة كالرجل الجاهل وليست كل النساء جاهلات ولا كل الرجال المتعلمين أو المتمرسين في الشئون العامة لا يسهل التغرير بهم"، لافتا إلى أن القضية "تتعلق بالحق وليس الشروط الواجب توافرها في النائبة"، أما الحديث عن المرأة "يعتريها الحيض والنفاس والحمل مما قد يعوقها عن أداء العمل في البرلمان" فإن الجماعة ترد قائلة "إن الرجل أيضاً يعتريه من الأمراض وغيرها ما يؤثر عليه وعلى إمكاناته في العمل والأغلب أن المرأة التي بلغت الأربعين وهو الحد الأدنى لسن الترشيح تكون فرغت من أعباء الحمل والولادة وبلغت حق النضوج".

وحول مسألة التبرج والاختلاط الذي قد تطرحه الظروف على السيدة النائبة، فإن بحث الإخوان يجيب "نحن لا ندعو للتبرج ولا للاختلاط ولا نقول بالتسامح فيه، والمرأة مأمورة بأن تلتزم بزيها الشرعي سواء خرجت للمشاركة في الانتخابات أو لحضور جلسات المجلس التي هى عضو فيه أو لغير ذلك".

والسيدة جيهان الحلفاوي (48سنة ) بدأت حملتها الانتخابية مبكراً وحتى قبل فتح باب الترشيح، وربما للتمهيد حتى يتقبل الرأي العام الإجراء الذي أقدمت عليها ويساعدها عدد من رموز الإخوان في الإسكندرية، وهي حاصلة على بكالوريوس التجارة من جامعة الإسكندرية ثم ليسانس الشريعة والقانون من جامعة الأزهر ومتزوجة من القطب البارز في الإخوان المسلمين الأمين العام لنقابة الأطباء بالإسكندرية الدكتور إبراهيم الزعفراني الذي حوكم عام 1995 مع نحو 80 آخرين من قادة التنظيم أمام محكمة عسكرية وصدر في حقه حكم بالسجن لمة ثلاث سنوات كان سبباً في حرمانه من الترشيح في الانتخابات السابقة وكذلك المقبلة. بعد ما أعلنت الحكومة تطبيق المادة الثانية من قانون مباشرة الحقوق السياسية على المحكومين عليهم في قضايا الإخوان مزاولة أي عمل سياسي قبل مرور ست سنوات على انتهاء فترة العقوبة وبعد رد الاعتبار بحكم قضائي إليهم.

ويعرف الإخوان وغيرهم في الإسكندرية السيدة الحلفاوي جيداً، فهي شاركت قبل سنوات في الأنشطة الجامعية من خلال الاتحادات الطلابية ثم انتقلت إلى الأنشطة الإجتماعية والمدنية من خلال الجمعيات الأهلية في المدينة، وهي تعتز بالدور الذي اضطلعت به مع فرق الإسعاف والدفاع المدني النسائي أثناء حرب أكتوبر 1973، وحين سألتها "الوسط" إذا كانت تفضل منافسة السيدات أم الرجال في دائرة "الرمل" التي ستترشح فيها أجابت "اخترت دائرة الرمل بعد ما علمت أن سيدات فضليات سيرشحن في دائرة وسط الإسكندرية لأن عهدي ألا أرشح نفسي في مواجهة سيدة مثلي فأنا أدعو إلي أن تتبوأ المرأة المصرية الأصيلة المنتمية لمبادئنا وقيمنا مكانها في العمل العام".

ماهي الأسباب التي دفعتك إلى ترشيح نفسك في انتخابات مجلس الشعب؟

ترشيحي للانتخابات العامة يمثل تطبيقاً عملياً لما يؤمن به التيار الإسلامي المعتدل والمتمثل في الإخوان المسلمين من أن للمرأة دوراً حيوياً مهما في الحياة العامة في إطار المبادئ الإسلامية حيث أن المرأة شطر المجتمع ويتوقف علي صلاحها ومشاركتها الجادة تقدم المجتمع ورفعة شأنه ودرء الأخطار والمؤامرات التي تحاك له، والخطوة التي أقدمت عليها رد عملي على أعداء الإسلامي الذين يتهمونه بالتحيز إلي جانب الرجل ضد المرأة المصرية المتدينة في أن تشارك الرائدات الوطنيات المخلصات في العمل العام، وألا نترك الساحة لكثيرات يزعمن أنهم رائدات العمل النسائي، واللائى انبهرن بالعالم الغربي الذي طلق الدين وأصبحن أبواق دعاية لمبادئ الغرب الهدامة بعيدات كل البعد عن تمثيل مطالب وآمال وأماني المرأة المصرية التي يمثل التدين روحها التي تحيا بها. فكان لزاماً أن تتواجد المرأة المصرية المتدينة في الساحة المهمة تعضيداً للرائدات الوطنيات.

وما رأيك في دعاوى تحرير المرأة من القيود التي يفرضها عليها المجتمع؟

لقد قمت للمناداة بتحرير المرأة مما يراد بها  تحويلها إلي مجرد مادة مسخرة لتحقيق متعة الرجل، فوسائل الإعلام في إعلاناتها وبرامجها تستخدم المرأة مادة للإثارة الغريزية كما تدفع بها باقي الأجهزة والمؤسسات لتعميق هذا الدور الرديء، فالمرأة كيان محترم كالرجل، فحاجة الرجل والمرأة موجودة في كليهما وللمرأة دور جاد وبناء في مجتمعنا، فهي مربية الأجيال والطبيبة والعالمة والمخترعة، وأنا أردت أن أشارك غيري من المتدينات من نساء مصر في المطالبة بحقوق المرأة المتدينة المسلمة والمسيحية والتي تبلغ نسبتهن بين النساء المصريات أكثر من 90% والتي تضم حقهن في وسائل المواصلات ترعي حرمتها وحياتها، ومكان عمل وظروف وظيفية  تتفق مع مبادئ دينها وكذلك مع أنوثتها. بل ولقد حرمت المرأة المتدينة ولا زالت طوال قرون مضت من أماكن للفسحة والاستجمام تراعي حرمتها، فالنوادي والشواطئ وغيرها من مناطق الاستجمام خصصت لتتوافق وتقاليد وأعراف المرأة الغربية استجابة لنداءات من انبهرن بالغرب ونسبتهم لا تتعدي أكثر من 10% من النساء المصريات، فحرمت البقية وهن المتدينات من التمتع بحقها في النزهة والاستجمام لحساب 10% بل لقد حرمت المرأة المتدينة من وظائف وسائل الإعلام وضيق عليها في ممارسة شعائرها في كثير من المؤسسات والمصالح فكان لزاما علي المطالبة بحقوق المرأة المصرية المتدينة وما أكثرهم في وسائل المواصلات وظروف عمل، وأماكن استجمام تحترم حرمتها وتراعى مشاعر أنوثتها. أشكر للدولة تخصيص لجان انتخابية خاصة للسيدات، وكذلك مندوبات لجان، كما أشكر لها أيضاً تخصيص عربات في الترام والمترو للمرأة، ولكن هذا ليس كافي فهذا قليل من كثير مما تطالب به المرأة المصرية المتدينة من استرداد حقوقها التي سلبت منها عبر القرون الماضية.

ولكنها المرة الأولي التي تترشح فيها سيدة تنتمي لجماعة الإخوان للبرلمان ؟ لماذا هذا التوقيت بالذات؟

هناك أسباب عدة شجعتني على دخول الانتخابات هذه المرة وبينها الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا الأخير والذي أبطل مجلس الشعب السابق لعدم وجود الإشراف الكامل على الانتخابات، وكذلك ما قامت به الحكومة من وضع إجراءات لتمكين الهيئة القضائية من الإشراف الكامل على الانتخابات المقبلة مما يقلل من حجم التزوير، وكنت أتمنى لو واكبه إلغاء لحالة الطوارئ وتنقية جداول الإنتخاب واعتماد الناخب بالبطاقة الشخصية وتوقيع الناخب أو بصمته في جدول الإنتخاب.

وليس خافياً أن حجم تمثيل المرأة في مجلس الشعب الماضي كان تسعة فقط من أصل 440 عضواً، ما أفقدها المشاركة الفعالة في بعض قوانين الأسرة التي مررت في المجلس الماضي. فضلاً عن أن الانتخابات الماضية لم تمثل فيها محافظة الإسكندرية بأي امرأة في عضوية مجلس الشعب، كما أن وجود مجلس قومي للمرأة على رأسه السيدة سوزان مبارك والتي وعدت بمساندة المرأة الجادة في انتخابات مجلس الشعب بغض النظر عن انتمائها الحزبي أو الفكري، جعلني على ثقة في مساندة المجلس القومي لي وهو مجلس غير حزبي، وأخيراً فإن ما وعد به الرئيس مبارك من نزاهة الانتخابات المقبلة أمر أتمني أن يتحقق.

عادة ما تحدث مشاحنات بين مرشحي الإخوان وأجهزة الأمن هل تتوقعين مضايقات؟

إذا التزمت الجهات المعنية بتوجيهات الرئيس من أن الانتخابات المقبلة ستكون نزيهة فإني آمل ألا تكون هناك مضايقات.

هل لديك القدرة على بذل جهود مثل الرجال لخدمة المجتمع، وما هي ملامح برنامجك؟

برنامجي يقوم أساساً على إعادة روح التدين والأخلاق وبث روح الانتماء إلى عقيدتنا ومبادئنا وعروبتنا ومجابهة كل صور التبعية والانبهار بالغرب والانسلاخ من ذاتنا والمطالبة بالحريات العامة وبديمقراطية حقيقية وليست شكلية وتشجيع الاقتصاد الحر في دائرته الأخلاقية البعيدة عن الاستغلال والاحتكار وتشجيع منتجاتنا الوطنية والارتقاء بها لمنافسة المنتج الأجنبي، وكذلك الاهتمام بكيان الأسرة وتقويته ودعم الطبقات المطحونة، وألا يصبح التعليم مجرد حصول على شهادة وألقاب بدلاً من أن يكون تعليماً يواكب  احتياجاتنا الاقتصادية والخدمية.

هناك جماعات إسلامية راديكالية ترفض من الأساس لعبة الديمقراطية، وبالتالي فإنها ضد مسألة مشاركة المرأة في العمل السياسي.

بالقطع لكل فكرة من يؤيدها ومن يعارضها، ولم يحدث على مر الأزمان أن أجمع الناس على فكرة واحدة، وكلي أمل أن تكون المعارضة جادة وموضوعية، وأن نضع في الاعتبار المدارس الفقهية المتعددة، وأن لكل حجته ومنطقه، وأن القاعدة الذهنية التي وضعها الأستاذ حسن البنا "رحمه الله" مؤسس جماعة الإخوان المسلمين هي رائدنا في العمل نجتمع فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا فيه.

للإخوان كتل تصويتية في الدوائر الانتخابية، هل تعتقدين بأنهم جميعاً سيصوتون لمصلحتك. وهل تعتمدين على هؤلاء الإخوان فقط؟

بالقطع لا. فالإخوان في كل المرات التي خاضوا فيها الانتخابات اعتمدوا على أصوات الأهالي، ولا يعقل أبدا أن عدد الإخوان كافي لإنجاح ما يقارب الثلاثين عضواً في مجلس  الشعب عام 1987.