هل ينتصر القضاة ؟ أم هل تستمر حفلات الزار ؟!

 

يعتقد المواطن المصري العادي جزماً أن العملية الانتخابية في مصر ما هي إلا مسرحية هزلية لا تستحق حتى الضحك ، و لا يختلف اثنان من المصريين على أن التزوير عقيدة عند النظام يتعبد بطقوس عباداتها كلما حل موعد هذه الطقوس ، و تتنوع صور التزوير ووسائله و أدواته من تزوير عن طريق الشرطة وهو الأفعل و الأقوى (حسن الألفي 1995 الشورى) ، إلى تزوير عن طريق البلطجية مع تسهيل بعض الضباط للأمور الخاصة ببعض المرشحين – بعد الدفع طبعاً-  (1995 – الشعب) ، إلى تزوير عن طريق الناخبين أنفسهم بعد اخذ الضوء الخضر بعمل بطاقات بالآلاف و دفع العمال للتصويت بها في العديد من اللجان دون أحقيتهم في ذلك (السيد راشد / سيدي جابر – سعيد عبده / مينا البصل – طلعت مصطفى / سيدي جابر – سعد الخوالقة / الرمل ) و كل هؤلاء من أساطين الحزب الوطني الحاكم ،  و العجيب أن الناظر إلى الموظفين و رجال الشرطة و هم يمارسون عملية التزوير يجدهم جميعاً مبتسمين و في حالة انجذاب و نشوة كأنما يمارسون طقوس الزار المصري الشهير .

و تبذل الحكومة بكل أجهزتها جهداً إعلامياً ضخماً ظاهره حث الناس على المشاركة في العملية الانتخابية  حتى ليبدو أنها رسالة لخارج مصر و ليس لأبناء الوطن الذين يعلمون الحقيقة تماماً ، و الجهد الذي تبذله الحكومة في تكريس السلبية و قتل الانتماء و زرع الإحباط في النفوس أضعاف الجهد الإعلامي الموجه لحث الناس على المشاركة، فإجهاد الناخبين للحصول على البطاقات و مشكلة تحديد مقر الانتخاب الذي يتغير في كل انتخابات بعد أن تعيد الحكومة في كل مرة دراسة أماكن قوة المنافسين لإضعافها إلى مشكلة التصويت يوم الانتخاب ثم التزوير بعدها كلها حقائق واقعة نتيجتها تكريس السلبية ، و أحياناً تترك الشرطة الناخبين يصوتون بمنتهى الديمقراطية في صناديق محكمة الغلق و مختومة بالشمع الأحمر و لكن للأسف لا يتم فرز هذه الصناديق الديمقراطية حيث تقوم إدارة الشرطة المهيمنة على عملية الانتخابات بتقديم صناديق أخرى للفرز يبدو أنها صناديق أكثر ديمقراطية ، و في أحيان أخرى تسير العملية الانتخابية بمنتهى الدقة و الديمقراطية في جميع لجان الدائرة ماعدا بعض اللجان المنتقاة يتم فيها ملأ الصناديق بمعرفة الشرطة أو تحت سمعها و بصرها ، وهناك ألاعيب كثيرة للتزوير و حيل تنافس حيل الحواة و كلها تمارس ببراعة كطقوس لحفل يشبه كما نقول حفل الزار المصري الشهير .

و يمارس المثقفون دورهم في شجب و استنكار التزوير ، ويعلو صوت الكتاب و الصحفيين في الصحف مدفوعة الأجر أو ما يسمى بالصحف القومية و لكنهم أبداً لا يتجاوزون مرحلة الشجب و الاستنكار كأنهم يستنكرون شيئاً يحدث في كوكب آخر بعيداً جداً عنا و لا يجرؤ أحدهم على اتخاذ موقف أو الدعوة إلى شئ و كأنما يمارسون جميعاً لعبة رفع الإناء حتى يخرج البخار و لا يحدث الانفجار و لا ينسوا جميعاً في النهاية الإشادة بالنظام و أياديه البيضاء على الجميع.

 

والآن صدر حكم المحكمة الدستورية بإشراف القضاة على الانتخابات ، و رغم أن هذا الحكم تاريخي ، فإن النظام يعلم تماماً أن القضاة على وجه العموم لن يسمحوا بتشويه صورة أول انتخابات تعلق مسئوليتها في أعناقهم و تدور أحاديثهم حول كيف يمكنهم وضع ضوابط منع التزوير حيث يؤمنون جميعاً بما يؤمن به جميع المصريين ( التزوير عقيدة عند الحكومة ) و تطالعنا الصحف يومياً بتصريحات كبار المسئولين و كلها تدور حول طمأنة القضاة بأنه لن يحدث تزوير يسئ إلى سمعة القضاة و القضاء المصري الذي تتعلق آمال الأمة به لمنع التزوير .

و يرى المراقبون أنه من الأفضل أن يُلم القضاة بألاعيب التزوير التي قلنا أنها تنافس حيل الحواة حتى يتسنى لهم فعلياً المحافظة على نظافة العملية الانتخابية التي لم تكن في أي يوم نظيفة .

فهل يأتي على مصر يوم تصبح و لها برلمان مُنتخب و غير مُزور ، صحيح أن النظام الحالي كما يقول العامة  " لا يعيش له برلمانات " فبرلمان 84 تم حله و مثله برلمان 87 و حكم المحكمة الدستورية يعني أن برلمان 90 (برلمان الكيف) باطل ، و نفس الحكم ينطبق على برلمان 95 (برلمان القروض) ، فهل يكون برلمان 2000  خلافاً لذلك بأيدي قضاة مصر الشرفاء ؟ .

و تلخص الكتابات التي تتناول ضمانات الانتخابات  هذه الضمانات فيما يلي