6  8

سابعاً : الإخوان... وقضية العنف والإرهاب

سبق أن أوضح الإخوان موقفهم من هذه القضية بكل الصراحة والوضوح وهو :

أنهم يدينون العنف ويستنكرونه ويرفضون كل أشكاله وصوره وأيا كانت مصادره وبواعثه، وذلك على أساس فهمهم لقيم الإسلام ومبادئه وتعاليمه. كما سبق وأكد الإخوان مرارا على ضرورة إيقاف أعمال العنف والعنف المضاد من منطلق وقاية البلاد من نزيف الدم الذي حرمه الله والحفاظ على المجتمع من الانهيار الاجتماعي والخراب الاقتصادي والذي لن يستفيد من ورائه إلا أعداء الإسلام وخصوم المسلمين.

من ناحية أخري فقد أثرت حلقات العنف والعنف المضاد على الدعوة الإسلامية وأضرت بها ضرراً بالغاً، حيث أنه من المعلوم أن الدعوة لا تنمو في ظل مناخ يسيطر عليه الهلع والفزع ولا يقبل عليها الشباب في جو يسوده التوتر. كما فتحت أعمال العنف المضاد أبوابا من المفاسد والفتن والشرور، وأتاحت الفرصة لأجهزة الاستخبار الأجنبية لمحاولات إتمام مخططاتها في إشاعة البلبلة، وضرب الوحدة الوطنية وتعريض السلام الاجتماعي للخطر. كما استغلت بعض فصائل العلمانية أعمال العنف في تسديد نيران مدافعها وقذائفها صوب الإسلام وأهله بزعم مكافحة وتحت ستار محاربة التطرف.

وبرغم هذا فقد أدي الإخوان المسلمون دورهم بالنسبة لهذه القضية على أكمل وجه ممكن، وبما تتيحه طاقاتهم وإمكاناتهم، فعقدوا لذلك العديد من الندوات والمحاضرات والمؤتمرات واللقاءات العامة، واصدروا البيانات والنشرات والكتيبات لتوعية المواطنين ( وبخاصة الشباب ) وتنبيه الرأي العام لمخاطر العنف والعنف المضاد وأثره السلبي على أمن واستقرار البلاد الإسلامية المختلفة، فضلا عن دورها الريادي تجاه أمتها العربية والإسلامية، كما أن الإخوان حالوا - من خلال التربية المستمرة والتوجيه المباشر للشباب - دون وقوع عشرات الآلاف منهم في براثن أعمال العنف، وكم لهذا آثاره وانعكاساته البعيدة المدى على تحجيم هذه الأعمال وعدم تناميها وانتشارها.

وقد ظهر للعالم كله في شتي بقاع الأرض ما تحمله دعوة الإخوان المسلمين من حكمة واعتدال وبعد نظر وحرص على إسعاد البشر، كل البشر، ولم يحدث خلال الأزمات الماضية والحالية على كثرتها - والتي كان من الممكن أن تعصف بأمن الأوطان واستقراره - أن استغل الإخوان أية فرصة لتصفية حسابات، أو ممارسة أي عمل من أعمال العنف ( ولو على المستوي الفردي )، أو عقد اتفاقات أو تشجيع ممارسات من شأنها أن تضر بالصالح العام، بل كانوا حريصين كل الحرص على أمن وسلامة أوطانهم وهدوء واستقرار مجتمعهم، وذلك من منطلق إيمانهم بربهم، وحبهم لإسلامهم

والتزامهم بأصول دعوتهم - بيان الإخوان بتاريخ 18 يونيو 1994

وقد تعددت البيانات الصادرة عن الجماعة والتي تدين العنف وتعبر فيها عن رأيها في هذا الخصوص. وقد قامت كل الصحف في البلاد الإسلامية المختلفة، بنشرها في حينها إما كاملة أو مقتطفات منها، بحيث لم يعد أحد يجهل رأى الإخوان في هذه القضية. وكان من ابرز البيانات التي صدرت، ذلك البيان الجامع الصادر في 30 من ذي القعدة 1415 هـ /30 من أبريل 1995مـ، والذي جاء فيه :

لقد أعلن الإخوان المسلمون عشرات المرات خلال السنوات الماضية أنهم يخوضون الحياة السياسية ملتزمين بالوسائل الشرعية والأساليب السلمية وحدها، مسلحين بالكلمة الحرة الصادقة، والبذل السخي في جميع ميادين العمل الاجتماعي...مؤمنين بأن ضمير الأمة ووعى أبنائها هما في نهاية الأمر الحكم العادل بين التيارات الفكرية والسياسية التي تتنافس تنافسا شريفا في ظل الدستور والقانون، وهم لذلك يجددون الإعلان عن رفضهم لأساليب العنف والقسر لجميع صور العمل الانقلابي الذي يمزق وحدة الأمة، والذي قد يتيح لأصحابه فرصة القفز على الحقائق السياسية والمجتمعية، ولكنه لا يتيح لهم أبداً فرصة التوافق مع الإرادة الحرة لجماهير الأمة... كما أنه يمثل شرخا هائلا في جدار الاستقرار السياسي، وانقضاضا غير مقبول على الشرعية الحقيقية في المجتمع.

وإذا كان جو الكبت والقلق والاضطراب الذي يسيطر على الأمة قد ورط فريقا من أبنائها في ممارسة إرهابية روعت الأبرياء وهزت أمن البلاد، وهددت مسيرتها الاقتصادية والسلمية، فإن الإخوان المسلمين يعلنون - في غير تردد ولا مداراه - أنهم برءا من شتى أشكال ومصادر العنف، مستنكرون لشتى أشكال ومصادر الإرهاب، وأن الذين يسفكون الدم الحرام أو يعينون على سفكه شركاء في الإثم، واقعون في المعصية، وأنهم مطالبون في غير حزم وبغير إبطاء أن يفيئوا إلى الحق، فإن المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، وليذكروا - وهم في غمرة ما هم فيه - وصية الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة وداعه أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم إلى يوم القيامة كحرمة يومكم هذا في عامكم هذا في بلدكم هذا.

أما الذين يخلطون الأوراق عامدين، ويتهمون الإخوان ظالمين، بالمشاركة في هذا العنف والتورط في ذلك الإرهاب، متعللين في ذلك، بإصرار الإخوان على مطالبة الحكومة بألا تقابل العنف بالعنف، وأن تلتزم بأحكام القانون والقضاء، وأن تستوعب دراستها ومعالجتها لظاهرة العنف جميع الأسباب والملابسات ولا تكتفي بالمواجهة الأمنية - فإن ادعاءاتهم مردودة عليهم بسجل الإخوان الناصع كرابعة النهار على امتداد سنين طويلة شارك الإخوان خلال بعضها في المجالس والنيابية والانتخابات التشريعية، واستبعدوا خلال بعضها الآخر عن تلك المشاركة، ولكنهم ظلوا على الدوام ملتزمين بأحكام الدستور والقانون، حريصين على أن تظل الكلمة

الحرة الصادقة سلاحهم الذي لا سلاح غيره، يجاهدون به في سبيل الله ( لا يخافون لومة لائم ).

والأمر في ذلك كله ليس أمر سياسة أو مناورة، ولكنه أمر دين وعقيدة، يلقى الإخوان المسلمون عليهما ربهم ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم الإخوان المسلمون - 30 من ذي القعدة 1415 ه / 30 من أبريل 1995.

 

محمد جمال حشمت

أحمد إبراهيم مصطفى

عبد الوهاب الديب زكريا محمد الجناينى صلاح أبو الفضل محمد كمال الميت
فئات فئات عمال فئات فئات عمال
بندر دمنهور وزاوية غزال  كوم حماده أبو المطامير وحوش عيسى كفر الدوار إدكو إيتاى البارود